الوصف
هنالك سمةٌ تجمع الإنجيل إلى بقية الكتب المقدسة للديانات الكبرى، هي سمة الإشكالية، وهذه الإشكالية تنجم عن عدة عوامل فالكتاب المقدس نص قديم تفصلنا عنه عشرات القرون، هو نتاج ثقافة منقطعة عنا، وعقلية مغايرة لعقليتنا الحديثة، وطرائق في التعبير لم تكن قد استقلت بعد عن التركة الميثولوجية للعصور القديمة.
والكتب المقدسة وصلت إلينا مدونة بلغات قديمة أو حتى بائدة في بعض الأحيان، وهذا يعني أننا نقرأ ترجمات قد لا تكون بدورها نقلاً عن نصوص أصلية، ونتعامل مع مفردات لغوية قد لا نكون في كثير من الأحيان متأكدين من مدلولاتها.
كما إن هالة القداسة التي تحيط بالنص الديني تجعل من المتدين متلقياً سلبياً له، لا ينتبه إلى إشكالياته ولا يحفل بغوامضه، إن ما يطلبه منه هو أن يكون مرشداً أخلاقياً، ودليلاً إلى حياة نفسية وعقلية سوية ومتوازنة.، وعندما يفلح النص في أداء هذه المهمة (وهذا ما يفعله عادة) تخفت الحاجة إلى عقلنته والتفكر في إشكالياته التي تترك للاختصاصيين الذين ما زالوا في أمرها يختلفون.
ولكن العقل الذي يطلب التصديق بعد الإيمان، ينتقل بأصحابه من حالة التلقي السلبي للنص إلى حالة التفاعل الإيجابي معه، ومن غض الطرف عن مشكلاته إلى التفكر فيها، لأن إيمان القلب دون تصديق العقل يبقى إيماناً هشاً وناقصاً؛ فالإنسان مزيج متكافئ من قلب ومن عقل، والحياة السوية تتأتى عندما لا يبغي أحدهما على الآخر.
هذا الكتاب موجه إلى طالبي المعرفة البحتة المنزهة عن الغرض، وإلى المؤمنين من أهل العقل لا إلى أهل الحرف والنقل، تعرض فيه لكل ما وجده إشكالياً وغامضاً في النص الإنجيلي، ومن موقع باحث موضوعي يتعاطف في الوقت نفسه مع حالة الإيمان.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.